كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يُكْرَهُ طَلَبُهُ) أَيْ: الْمَفْضُولِ وَقَبُولُهُ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ الْغَيْرِ الْمُمْتَنِعِ لِخَطَرِهِ وَتَقَدُّمِهِ عَلَى مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ (وَقِيلَ يَحْرُمُ) طَلَبُهُ، أَمَّا عَلَى الثَّانِي فَيَحْرُمُ طَلَبُهُ جَزْمًا فَتَفْرِيعُ شَارِحِ هَذَا عَلَى الثَّانِي غَيْرُ صَحِيحٍ (وَإِنْ كَانَ) غَيْرُهُ (مِثْلَهُ) وَسُئِلَ بِلَا طَلَبٍ (فَلَهُ الْقَبُولُ) بِلَا كَرَاهَةٍ بَلْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُنْدَبُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَقَدْ أَتَاهُ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ أَيْ: كَمَا فِي الْحَدِيثِ، نَعَمْ إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ الِامْتِنَاعُ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ، وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطْلُبْهُ) أَيْ: الْقَضَاءَ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْإِجَابَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَبُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ الْإِجَابَةِ حَيْثُ انْقَطَعَ الِاحْتِمَالُ قَطْعًا فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبِ الطَّلَبِ فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ عِنْدَ الظَّنِّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ إنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ الِامْتِثَالِ فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبِهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ: يَجِبُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَمْتَثِلُونَهُ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الطَّلَبِ هُنَا إلَخْ) يُمْكِنُ الْفَرْقُ.
(قَوْلُهُ: إذَا بُذِلَ لَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ) كَانَ يُمْكِنُ تَرْكُ هَذَا التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْقَبُولَ مَعَ الطَّلَبِ وَإِنْ كَرْهًا كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذَا كَانَ الْفَاضِلُ مُجْتَهِدًا) قَدْ يُقَالُ: مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ لَا يُوَلَّى غَيْرُهُ فَهَذَا لَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ، إلَّا أَنْ يُفْرَضَ فِي التَّوْلِيَةِ بِالشَّوْكَةِ وَفِيهِ مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ الْفَاضِلُ) ظَاهِرُهُ نَظَرًا لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْفَاضِلُ مُجْتَهِدًا، أَوْ الْمَفْضُولُ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) هُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ الْآتِي: وَإِلَّا يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ.
فَإِنْ قِيلَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ وَجَدَ الْأَسْبَابَ قُلْنَا: فَلَا مَعْنَى لِنَقْلِهِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ مَعَ مَا فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: لَهُ وَاحِدٌ) إلَى قَوْلِهِ: وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَوْ بِبَذْلِ وَقَوْلُهُ: مَا أَمْكَنَهُ إلَى، وَإِنْ خَافَ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ إلَى بَلْ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَصْلُحْ غَيْرُهُ) أَيْ: بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي النَّاحِيَةِ صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ غَيْرُهُ. اهـ.
شَرْحُ الرَّوْضِ وَالْمُرَادُ بِالنَّاحِيَةِ بَلَدُهُ وَدُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَاضِلًا عَمَّا يُعْتَبَرُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَثُرَ الْمَالُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي صَرَّحُوا فِيهَا بِسُقُوطِ الْوُجُوبِ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ مَالٌ، وَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْقَضَاءَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَوَجَبَ بَذْلُهُ لِلْقِيَامِ بِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ. اهـ. ع ش.
أَقُولُ قَضِيَّةُ صَنِيعِ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى عَدَمُ وُجُوبِ الْبَذْلِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطْلُبْهُ) أَيْ: الْقَضَاءَ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ: الْمُتَعَيِّنِ لِلْقَضَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ) أَيْ: الِامْتِنَاعُ مُفَسِّقًا لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِفِسْقِهِ، وَإِلَّا فَالتَّعْلِيلُ لَا يُسَاعِدُ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ الطَّلَبِ، وَإِنْ ظُنَّ عَدَمُ الْإِجَابَةِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: يَجِبُ الْأَمْرُ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الطَّلَبِ إذَا ظَنَّ الْإِجَابَةَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ تَحَقَّقَ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُهَا؛ لِمَا عُلِمَ مِنْ فَسَادِ الزَّمَانِ وَأَئِمَّتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ. اهـ.
وَعِبَارَةُ سم نَعَمْ لَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ الْإِجَابَةِ بِحَيْثُ انْقَطَعَ الِاحْتِمَالُ قَطْعًا فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبِ الطَّلَبِ، وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ عِنْدَ الظَّنِّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ الِامْتِثَالِ فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الطَّلَبِ هُنَا إلَخْ) وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ) أَيْ: لِوُجُودِ غَيْرِهِ مَعَهُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَيْ: يَقْبَلُهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَتَنْعَقِدُ تَوْلِيَتُهُ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: فَلِلْمَفْضُولِ) أَيْ: الْمُتَّصِفِ بِصِفَةِ الْقَضَاءِ وَهُوَ غَيْرُ الْأَصْلَحِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: الْقَبُولُ) ظَاهِرُهُ مَعَ انْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ، وَالْقِيَاسُ ثُبُوتُهَا لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الْقَبُولِ، وَقَدْ يَقْتَضِي قَوْلُهُ الْآتِي: فَلَهُ الْقَبُولُ بِلَا كَرَاهَةٍ ثُبُوتَهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ. اهـ. ع ش.
أَقُولُ: وَيُصَرِّحُ بِالْكَرَاهَةِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَقَبُولُهُ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ إلَخْ وَقَوْلُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: أَوْ كَانَ مَفْضُولًا وَلَمْ يَمْتَنِعْ الْأَفْضَلُ مِنْ الْقَبُولِ كُرِهَا أَيْ: الطَّلَبُ، وَالْقَبُولُ لَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إذَا بُذِلَ لَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ) كَانَ يُمْكِنُ تَرْكُ هَذَا التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْقَبُولَ مَعَ الطَّلَبِ، وَإِنْ كُرِهَا كَمَا سَيَأْتِي. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مَنْ اسْتَعْمَلَ عَامِلًا إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ كُلُّ مَنْ تَوَلَّى أَمْرًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَرْعِيًّا كَنَصْبِ مَشَايِخِ الْأَسْوَاقِ، وَالْبُلْدَانِ وَنَحْوِهِمَا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْفَاضِلُ مُجْتَهِدًا) قَدْ يُقَالُ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ لَا يُوَلَّى غَيْرُهُ فَهَذَا لَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ، إلَّا أَنْ يُفْرَضَ فِي التَّوْلِيَةِ بِالشَّوْكَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا يُجْبَرُ الْفَاضِلُ هُنَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَقْرَبَ إلَى الْقُلُوبِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ إلَى الْقَبُولِ قَالَ ع ش أَيْ: لِقَبُولِ الْخَصْمِ مَا يُقْضَى عَلَيْهِ أَوْ لَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَطْوَعِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَكْثَرُ طَاعَةً بِأَنْ يَكُونَ طَاعَةُ النَّاسِ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ طَاعَتِهِمْ لِغَيْرِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَلْزَمَ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ) أَوْ حَاضِرًا والْأَفْضَلُ غَائِبٌ، أَوْ صَحِيحًا، وَالْأَفْضَلُ مَرِيضٌ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِخَطَرِهِ) عِلَّةٌ لِلْكَرَاهَةِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَقِيلَ يَحْرُمُ) اسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ النَّصْبُ جَائِزًا فَكَيْفَ يَحْرُمُ طَلَبُ الْجَائِزِ؟ وَنَظِيرُ هَذَا سُؤَالُ الصَّدَقَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ إعْطَاؤُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إذْ الْإِ عَطَاءُ بِاخْتِيَارِ الْمُعْطِي فَالسُّؤَالُ كَالْعَدَمِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَسُئِلَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَالِاعْتِبَارُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَيَصِحُّ إلَى وَيَحْرُمُ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: فَلَهُ الْقَبُولُ) وَلَا يَلْزَمُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُنْدَبُ إلَخْ) هُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ الْآتِي: وَإِلَّا يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ أَحَدُ الْأَسْبَابِ فَلَا مَعْنَى لِنَقْلِهِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ مَعَ مَا فِي الْمَتْنِ. اهـ. سم أَقُولُ وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ بِلَا كَرَاهَةٍ يُنَافِي؛ لِمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ خَافَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَالِاعْتِبَارُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَالْخَبَرِ الْحَسَنِ إلَى وَيَحْرُمُ الطَّلَبُ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا إلَى الْمَتْنِ.
(وَيُنْدَبُ) لَهُ الْقَبُولُ و(الطَّلَبُ) لِلْقَضَاءِ حَيْثُ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (إنْ كَانَ خَامِلًا) أَيْ: غَيْرَ مَشْهُورٍ بَيْنَ النَّاسِ بِعِلْمٍ (يَرْجُو بِهِ نَشْرَ الْعِلْمِ) وَنَفْعَ النَّاسِ بِهِ (أَوْ) كَانَ غَيْرُ الْخَامِلِ (مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْوِلَايَةِ، وَكَذَا إنْ ضَاعَتْ حُقُوقُ النَّاسِ بِتَوْلِيَةِ جَاهِلٍ، أَوْ ظَالِمٍ فَقَصَدَ بِطَلَبِهِ، أَوْ قَبُولِهِ تَدَارُكَهَا (وَإِلَّا) يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ (فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ) أَيْ: الطَّلَبِ كَالْقَبُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَهَذَا هُوَ سَبَبُ امْتِنَاعِ أَكْثَرِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْهُ (قُلْت: وَيُكْرَهُ) لَهُ الطَّلَبُ، وَالْقَبُولُ (عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)؛ لِوُرُودِ نَهْيٍ مَخْصُوصٍ فِيهِ وَعَلَيْهِ حُمِلَتْ الْأَخْبَارُ الْمُحَذِّرَةُ مِنْهُ كَالْخَبَرِ الْحَسَنِ «مَنْ تَوَلَّى الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» كِنَايَةٌ عَنْ عَظِيمِ خَطَرِهِ الْمُؤَدِّي إلَى فَظِيعِ هَلَاكِهِ وَيَصِحُّ كَوْنُهُ كِنَايَةً عَنْ عَلِيِّ رِفْعَتِهِ بِقِيَامِهِ فِي الْحَقِّ الْمُؤَدِّي إلَى إيذَاءِ النَّاسِ لَهُ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ الذَّبْحِ.
وَيَحْرُمُ الطَّلَبُ عَلَى جَاهِلٍ وَعَالِمٍ قَصَدَ انْتِقَامًا، أَوْ ارْتِشَاءً، وَيُكْرَهُ إنْ طَلَبَهُ لِلْمُبَاهَاةِ، وَالِاسْتِعْلَاءِ كَذَا قِيلَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ حَرَامٌ بِقَصْدِ هَذَيْنِ أَيْضًا هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا قَاضِيَ مُتَوَلٍّ، أَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي جَائِرًا، أَمَّا صَالِحٌ مُتَوَلٍّ فَيَحْرُمُ السَّعْيُ فِي عَزْلِهِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَلَوْ أَفْضَلَ وَيَفْسُقُ بِهِ الطَّالِبُ وَلَا يُؤَثِّرُ بَذْلُ مَالٍ مَعَ الطَّلَبِ مِمَّنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، أَوْ نُدِبَ لَهُ لَكِنْ الْآخِذُ ظَالِمٌ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَا نُدِبَ حَرُمَ عَلَيْهِ بَذْلُهُ ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا؛ لِئَلَّا يُعْزَلَ، وَيُسَنُّ بَذْلُهُ لِعَزْلِ غَيْرِ صَالِحٍ وَيَنْفُذُ الْعَزْلُ، وَإِنْ أَثِمَ بِهِ الْعَازِلُ، وَالتَّوْلِيَةُ، وَإِنْ حَرُمَ الطَّلَبُ، وَالْقَبُولُ مُطْلَقًا خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ.
(وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّعَيُّنِ) السَّابِقِ (وَعَدَمِهِ بِالنَّاحِيَةِ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُهَا بِوَطَنِهِ وَدُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ مَسَافَةِ عَدْوَى نَصْبُ قَاضٍ فَيَجْرِي فِي الْمُتَعَيَّنِ وَغَيْرِهِ مَا مَرَّ مِنْ أَحْكَامِ التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ فِي الطَّلَبِ، وَالْقَبُولِ فِي وَطَنِهِ وَدُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْهُ دُونَ الزَّائِدِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْوَطَنِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْقَضَاءِ لَا غَايَةَ لَهُ، بِخِلَافِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ الْمُحْوِجَةِ إلَى السَّفَرِ كَالْجِهَادِ وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ، نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْإِمَامُ قَاضِيًا وَأَرْسَلَهُ إلَيْهَا لَزِمَهُ الِامْتِثَالُ، وَالْقَبُولُ، وَإِنْ بَعُدَتْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَيَّنَ أَحَدًا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ تَعَيَّنَ.
وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ: إنَّمَا لَمْ يُكَلَّفْ السَّفَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ بِهَجْرِ الْوَطَنِ؛ إذْ الْقَضَاءُ لَا غَايَةَ لَهُ وَاعْتِرَاضُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ بِقَوْلِ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يَبْعَثَ قَاضِيًا لِمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ قَاضٍ.
وَقَدْ جَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْته فَقَالَ: يَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى وُجُودِ صَالِحٍ لِلْقَضَاءِ فِي الْبَلَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ، أَوْ بِقُرْبِهِ وَكَلَامُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ؛ إذْ لَا رَيْبَ فِي وُجُوبِ الْبَعْثِ حِينَئِذٍ عَلَى الْإِمَامِ وَوُجُوبِ امْتِثَالِ أَمْرِهِ، وَإِلَّا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لَزِمَ تَعْطِيلُ الْحُقُوقِ فِي الْبِلَادِ الَّتِي لَا صَالِحَ فِيهَا، وَمِنْ ثَمَّ أَبْطَلَ الْبُلْقِينِيُّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ نَقْلًا وَدَلِيلًا، وَمِنْهُ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ عَلِيًّا إلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا وَأَبَا مُوسَى وَمُعَاذًا» وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: أَيْ: الطَّلَبُ كَالْقَبُولِ) إنْ كَانَ كَوْنُ الْقَبُولِ خِلَافَ الْأَوْلَى، أَوْ مَكْرُوهًا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُنَا طَلَبٌ مِنْهُ، أَوْ لَا خَالَفَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالطَّلَبِ لَمْ يُخَالِفْهُ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ بَذْلُ مَالٍ مَعَ الطَّلَبِ إلَخْ) فِي الرَّوْضَةِ جَوَازُ بَذْلِهِ لِيُوَلَّى أَيْضًا وَدَعْوَى أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مَرْدُودَةٌ، أَوْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِعَزْوِهِ مَا ذُكِرَ لِلرُّويَانِيِّ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ ش م ر.